ما أكثر أخبار العالم اليوم فذاك يقول كلمة ، وهذا ينظمها شعرا ، واخر يجعلها مقالا وهكذا ... حتى يصبح كلام الناس دون ثبوت أو تأكد من صحة الرواية أو صدق الراوي فكم من رجل أصبح بين الناس كذابا وذلك لأمر يظنه الناس هيّناً وليس من الامر في شئ !
ولكن كفى أن يعلم أن الله
أنزل فيه قراناً ونبي الله صلى الله عليه وسلم قال فيه حديثا، وعالما حذر منه
قومًا فقال سبحانه تعالى ( يا ايها الذين
امنو ان جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم
نادمين)[1]
من العاقبة الوخيمة في حالة عدم التروي والتثبت . أما في السنة فكثيرة منها قول
الرسول صلى الله عليه وسلم ( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع )[2]
قال المناوي رحمه الله ( أي اذا لم يتثبت لانه يسمع عادة الصدق والكذب ، فاذا حدث
بكل ما سمع لا محالة يكذب، والكذب الإخبار عن الشئ على غير ما هو عليه ، وان لم
يتعمد لكن التعمد شرط الاثم )[3]
.
فاحذر اخي
الحبيب ، من الاشاعات ونقل الاخبار الكاذبة التي تجعل صاحبها منبوذاً مطروحاً خارج
دائرة المحترمين والصادقين ، والاشاعة {هي عبارة عن أخبار مشكوك في صحتها ، ويتعذر
التحقق من أصلها ، وتتعلق بموضوعات لها أهمية لدى الموجهة اليهم ، ويؤدي تصديقهم أو
نشرهم لها الى اضعاف روحهم المعنوية .
لذا على ناقل الخبر ان يتروى ويتثبت في كل ما يقال ، وليحذر ان يبادر
بالتصديق الفوري، فان الاصل البراءة التامة ، وتلك الاشاعة ناشئة طارئة، والاصل
بقاء ما كان على ما كان حتى تقوم الادلة الواضحة على صدق ذلك الخبر وناقله ، لأن
الاشاعة ليست كسائر الأخبار ، فلا تنقل إلا بعد التثبت والتأكد من صحة الخبر )[4]
. بخلاف العلم المتعلق بالأمة كلها، قال العلامة ابن حجر العسقلاني ( وفيه الحث على
تبليغ العلم ممن حفظه وفهمه ، وحث من لا يفهم على عدم التبليغ إلا إن كان يورده
بلفظه ولا يتصرف فيه ) [5] .
فكم أفسد الراوي كلاماً
بنقله وكم حرّف المنقوم قومُ
وصحفوا
لذا وجب عليك
التروي واستشارة أهل العلم لأنهم أدرى بمصلحة الأمة والفرد والمجتمع ، بحكم خبرتهم
وعلمهم . بل قد بين الله تعالى أن مشورة أهل العلم والأمر في مثل هذه الامور هي
الافضل والمسلك السليم ، حيث قال ( واذا جاءهم أمرٌ من الامن أو الخوف أذاعوا به
ولو ردّوه الى الرسول والى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ، ولولا فضل
الله عليكم ورحمته لتبعتم الشيطان الا قليلاً )[6]
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك رايك