أخي الشاب انظر الى نفسك وتفقد أعمالك وتذكر وقفاتك ، وأَعِد شريط
زمانك ! ثم احكم على نفسك !!ألا يعتبر
المقيم منكم بمن رحل ؟ ألا يندم من يعلم عواقب الكسل ؟ آهٍ ، لغافلٍ جدّ الموت هزل
! ولعاقل كما صعد العمر نزل !
أعد على
فكرك أسلاف الامم وقف على ما في القبور مــن
أمم
ونادهم
أين القويّ منكم القاهر أم أيــن
الضعـيف المهتضـم
تفاضلت أوصالهم فوق الثرى
ثــم سـاوت تحتـه كـل
قدم
أخي الحبيب هل تأملت هذا الرجل الذي احدودب ظهره، وابيض شعره، وتثاقلت
خطاه، وخارت قواه، وسقط حاجباه، وتناثرت أسنانه ؟! فهو يقوم بصعوبة، ويقعد بصعوبة،
يصلي ويصوم بصعوبة، ويقضي جميع حوائجه بصعوبة !!
هل تأملت هذا الرجل؟ ألم يكن شاباً مثلك ؟! يعيش حياة الشباب، ويلعب
لعبهم، ويظن أن أيام الشباب طويلة ، وأن قوة الشباب قاهرة، وأن نُضرة الشباب تزهو
على الليالي والأيام!
فلم يُغنِ البكـاء ولا النحيـبُ
|
بكيت على الشباب بدمـع عيني
|
نعاه الشيب والـرأس الخضيبُ
|
فيا أسفا أسفـت على الشـباب
|
كما يُعرى من الورق القـضيبُ
|
عُريتُ من الشباب وكنتُ غصناً
|
فأخبره بما فعــل المــشيبُ
|
فيا ليت الشباب يعـــود
يوماً
|
أخي الشاب – إلى متى ستبقى أسيراً للمعاصي والذنوب ؟ لقد خلقك الله
حُرّا بعبوديتك له ، ذليلا ً بعبودية غيره ، فلماذا ترضى أن تكون مخالفاً لحكمته
وأمره .
أخي الحبيب
يخطئ من يظن أن طريق الاستقامة والالتزام يمنع المتعة ويحرم البسمة، وينهى عن
المزحة، ويحظر الشهوات على الإطلاق ، بل إنه ضبط هذه الأمور وفق حدود شرعية حتى لا
يكون الانسان عبداً لشهوته، فكان الإسلام بالنسبة للملتزم نظاماً شاملاً لجميع
حياته .
والذي خلق الورى وشق النوى، إني أحبُك في الله ، لا لشيء إلا لأفوز
وإياك بما وعد الله )
المتحابون بجلالي على منابر من نور يوم القيامة يغبطهم النبيون
والشهداء(
فالدين النصيحة ، لذا
أنصحك بالله، وأدعوك أن تقف وقفةً مع نفسك، وتسألها، أما تستحين من الله ؟ كيف
تعصينه وهو ينظر إليك؟ إذا كنت عاصيه لا محالة، فاعصِهِ في مكان لا يراك فيه، وفي
أرض لا يملكها !!
أخي الحبيب لا تقنع نفسك أنك في بحبوحة من العمر والمال، فكله زائل لا
محالة ، فكم من طفل أمسى ميتاً ، وشيخاً كبيراً عاش حيناً من الدهر
...
واعصي الهوى فالهوى مـازال فتّانا
|
يا نفس توبـي فإن الموت قد حانا
|
وأخــرج من دنـــياي عُريانا
|
يا نفس مالي وللأمــوال
أتركها
|
أيها المشغول بالشهوات
الفانيات حتى متى ستبقى في المتاهات، أتطمع الالتحاق بالشرفاء وأنت رهين الشهوات،
هيهات هيهات يا منشغلاً في الملهيات ، أحذر هجوم هادم اللذات، حين يزورك فتقول : من
في الباب؟
فيقال لك :
(فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) ولسان حالك ( رب ارجعون لعلي أعمل
صالحاً فيما تركت ) فتسمعه يوبخك ( ألم تكن آياتي تُتلى عليكم فكنتم بها تكذبون
) .
رُفعت لـنا في السير أعـلام
السـعادة والهدى يا ذلة الحيران
فتسابق الابطال وابـتدروا لها كتسابق الفرسان يـوم
رهـان
وأخو الهوينى في الـديار مخلف مع شكله يـا خيبة
الكـسلان
ما موقفك
عندما ينادى عليكّ ! وقد قام الأشهاد وحشرت الخلائق، فتسير دون إرادتك إلى حسابك
لتقف بين يدي ملك السماوات والأرض، وقد ارتعدت فرائسك، ورجفت قدماك، وجفت عيناك،
وتقطعت أوصالك، ومُلئ قلبك رعباً، اضطربتْ جوارحك خوفاً، قد تغير لونك، وحل بك من
الهم والغمّ ما لا يعلمه إلا الله .
قال الحسن البصريّ – رحمه الله : يومان وليلتان لم تسمع الخلائق بمثلهن
قط ، ليلة تبيت مع أهل القبور ولم تبت ليلة قبلها ، وليلة صبيحتها يوم القيامة .
ويوم يأتيك البشير من الله تعالى اما الجنة أو النار ، ويوم تعطى كتابك اما بيمينك
واما بشمالك .
أخي المسلم - يخطئ كل الخطأ من
يظن أن الموت فناء محض وليس بعده حياة ولا حساب ولا حشر ونشر، ولا جنّة وعقاب ، إذ
لو كان الأمر كذلك لانتفت الحكمة من الخلق والوجود ، ولكن هناك حساب وعقاب ... جزاء
وعطاء ( فمن زُحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز )
فيا من
صحيفته بالذنوب قد حُفت، وموازينهُ بكثرة الذنوب قد رجحتْ، أما رأيت الأجسام
بالأكفان قد لفت، وإلى المقابر قد زُفت ، طويت صفحات الغرور، وبدا للعبد البعث
والنشور، مضت الملهيات والمغريات وبقيت التبعات - فلا إله إلا الله من ساعة تطوى
فيها صحيفة المرء إما على الحسنات أو على السيئات .
لكان الموت غاية كل حي
|
ولو أنا متنــا وتُركنا
|
ونُسأل بعده عن كل شيء
|
ولكنا إذا متنا
بُعــثنا
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك رايك