لا أعتقد أنك منكراً لحق أبيك عليك ! فبالرغم من العقوق الذي يصدر منك إلا انه لك في قلبي محبة ، وبلساني لك دعوة ، ومن عيني لك دمعة ، ومن جوارحي لك حركة ،،، ما زلت أنشدك عساك تعود !!
فلقد أعددت فيك الرجولة والشهامة والوفاء ، أعددت فيك العزة والكرامة
والإباء ، أعددت فيك الأخلاق الطيبة ، أعددت فيك المعاني النبيلة والقيم الفاضلة
. أقول هذا لك يا ولدي والألم يعصر قلبي
والحزن يقطع اوصالي ، لما أشاهده منك !
فبالأمس
القريب كنت حريصاً على صلاة الجماعة ! كنت مواظباً على صلة الأرحام ! كنت غيوراً
على دين الله ! فماذا جرى لك يا ولدي ؟
ألا تذكر تلك الدموع التي أذرفتها فرحاً لما سمعت بقدومك ، قطرات دمي
بذلتها لسعادتك ! لا أذكر أني أرتحت في نومي وأنت مستيقظ ! وشبعت يوماً وأنت جائع
!!
يا ولدي ،،، أليس من الظلم أن تقتل القلب الذي أحبك ، وتشيب الرأس وتدمي
العين التي لم تنم باستيقاظك ، أليس من الظلم أن أراك بين ثلة من العصاة التائهين ،
أليس من العار عليك تلويث سمعة عائلتك ؟ أليس من المحزن أن أناديك فلا تجيبني ؟
فوالله لم أعق والدي يوماً حتى تعقني ؟!
هذا يومك يا ولدي ،،، فقد طعن والدك ووالدتك في السن ! ألا تذكر يا ولدي
تلك الليالي التي لم تنمها أمك لأنك لم تلعق ثديها بعد !! هل تخيلت يوماً أن تحمل
أمك أو أبيك كالرجل اليماني ! الذي حمل أمه على ظهره ليطوف بها البيت العتيق ...
فقال : يا ابن عمر هل تراني أديت لها حقها ؟ قال له ابن عمر : ولا بطلقة من طلقاتها
!!!
أين أنت من
ذلك ؟! يا بني ، لم أطلب منك يوماً شيئاً لا تستطيع القيام به ، أم أنك لا تستطيع أداء الصلاة وصوم
رمضان ودخول الجنة !!! نعم ( تعس من أدرك
والديه ولم يدخل الجنة )[1].
هذا يومك يا ولدي ، فالدمعة التي غرغرت بها عيني لتقتلني باليوم ألف مرة
، حين اتذكرك وأنت تلعب في حجري ، فيوماً ظهري لك مطية تركبها ! ومرة كتفي لك منارة
تعلوها ، ومرة ألتزم الصمت أمام الجلوس لأدعك تتكلم بإسم الجميع ! ألا تذكر يا ولدي
،كم كنت مسروراً منك حين أتيتني تركض خائفاً من أخيك ( يابا ، يابا عندك أخوي ... )
ألا تذكر يا ولدي كم أرسلت الدموع عليك لما علمت أنك ستغيب عن ناظري لتنال شهادة
التفوق في الجامعة ... ولكن ياليتك لم تذهب !! ذهبت مطيعاً ورجعت عاقاً ! فارقتنا
والدموع تسيل منك على الخد حزناً وألماً على شدة البعد ! ورجعت يا ولدي ودموع
الفرحة تغمرنا !! ويا للأسف رجعت لا تعرف أمك ولا أبيك ! لم يا ولدي ، ألم تذهب
لتتعلم حسن المعالمة وخدمة الانسانية ... ألم تذهب لتتعلم كيف تساهم بنهضة وطنك !
ياولدي ، ألا
تذكر كم معركة ومشادت جرت بيني وبين أمك حول مائدة الطعام ، وأنا أنتظرك لتأكل معي
، وهي تقول لي تناول طعامك فلقد أكل قبل قليل !! وأنا أصر على الانتظار
!!
ألم تذكر اسعد لحظات أمك معك ؟! نعم كانت أسعد لحظات أمك معك عندما كنت
صغيراً تمسك شعرها بشدة !! لأنها أدركت أنك كبرت ، فكانت تحلم بك باراً وفياً لها
ولأبيك .
والكلام يطول يا ولدي ، فهذا
يومك ، فمدد يدك لليد التي أعانتك ،
وللعين التي سهرت عليك ، وللقلب الذي تفطر لأجلك ، وللسان الذي يملك تدمير حياتك
بأقل ما تتصور !! ولكنها حنية الأب ومحبة الأم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك رايك