مدونة ابواب الخير ترحب بكم

19‏/08‏/2013

الدرة الثالثة ذروة سنام الإسلام


إن حمل الدعوة إلى الناس ، وجعلهم يؤمنون بها ، ويثقون ويتأثرون : عملية صعبة وشاقة ، تحتاج الى صبر وثبات ، والمضي في طريق الدعوة ليس بأمر هين لين ، ولاطريق ميسور ، ولا بد من عزم وقوة ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين )( آل عمران 142)
وهنا لا بد من تربية النفوس على البلاء والصبر ، لتصبح على قدر من المسؤولية لخدمة دين الإسلام ، فإن لم أقم أنا وأنت بواجب الدعوة فمن يقوم ؟!
ولقد تعمدت أن اجعل الدر الثالثة ( الجهاد في سبيل الله ) مشيراً في ذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن أفضل الأعمال قال : ( الصلاة على وقتها ، قيل ثم أي ؟ قال : بر الوالدين ، قيل ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله )
فواعجباً للجنة كيف نام طالبها ؟! وكيف لم يسمح بمهرها خاطبها ، وكيف طاب العيش في هذه الدار بعد سماع أخبارها ، وكيف قرّ المشتاق القرار دون معانقة أبكارها ؟! وكيف قرّت دونها أعين المشتاقين ؟! وكيف صبرت عنها أنفس الموقنين ؟!![1]
نعم أخي الحبيب ، لقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس ويقاتل أمام الناس ، يحمل المصحف في الليل : قارئاً ، تالياً، عابداً ، ناسكاً .. وبالنهار يحمل السيف : مجاهداً ، مقاتلاً ، متقدماً للصفوف .. نعم هي الشجاعة والثقة بنصر الله للإسلام والمسلمين ، فمن أعظم الشجاعة : الخوف من الله عز وجل ، فالخائفين من الله هم أشجع الناس ، وهم الذي يؤدون أوامر الله ، ويجتنبون نواهيه ، كما قيل :
عند القتال ونار الحرب تشتعل
ليس الشجاع الذي يحمي فريسته
عن الحرام فذاك الفارس البطل
لكن من ردّ طرفاً أو ثنى وطراً
فاشجع الناس : من راعى ما بينه وبين الله ، ورد نفسه عن الحرام ، وكسرها وقت الغضب ، ووقت الشهوة ، ووقف عند حدود الله ، فهذا هو الشجاع المحفوظ بحفظ الله عز وجل ، وهو الذي ينتصر .
وقال بعضهم : لا ينتصر العبد في المعركة حتى ينتصر على نفسه ، وعلى الشهوات ، والمعاصي ، والمخالفات ... واعلم – أخي الحبيب أنه لا حياة للأمة الإسلامية إلا بالجهاد ، وبتربية النفوس والأبناء على خوض الصعاب ، والمنايا لتعود الأمة عزيزة كما كانت .
متى نخوض المعركة ؟!!
بالله عليك – هل يعقل أن نعدّ الجيوش ونحمل السيوف والأسلحة ، وأنتَ مازلت تسمع – حيّ على الصلاة ،حيّ على الفلاح – ولا تجيب !! فإذا الأمة خانت حيّ على الصلاة وحيّ على الفلاح ، وخانت صلاة الفجر والجمع والجماعات ، خانت الجهاد ، ولم تستطع أن تصمد ، أو أن تحقق الأمل المنشود منها ...
بنو يهود يموتوا تحت الدبابات في سيناء ، فداءً لعقيدة فاسدة !! وأنتم أبناء الأمة المحمدية خير الامم تموتون فداءً للقاء محرم !! أو في سبيل غاية دنيوية ومتاع زائل وشهوة منقطعة وهموم كاذبة !!
v أما لكَ في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرة حسنة ! أوليس لكَ من الصحابة والسلف الصالح أمثلة ونماذج !! فهذا عبد الله بن رواحة يقول :
وطعنة ذات فرغ تقذف الزبدا
لكنني أسأل الرحمن مغفرة
يا أرشد الله من غاز وقد رشدا
حتى يقال إذا مرّوا على جثتي
فما مرّ به أحد من الصحابة ، حتى قالوا : يا أرشد الله من غاز وقد رشدا .
v وما أبو سليمان رضي الله عنه ليس ببعيد !! صلى الفجر بالمسلمين ، في اليرموك ، وكان جيشه أقل من ثلاثين ألفاً ، وجيش الروم : ما يقارب ثلاثمائة ألف !! ولكنّها العقيدة التي حملوها في صدورهم والثقة بنصر الله ...
مـن بعد عشر بنان الفتح يحصيها
تسعون معركة مرت محجلة
وخـالد في ســبيل الله مذكيها
وخالد في سبيل الله مشعلها
v وأبو بكر الصديق رضي الله عنه يتحول إلى أسد ضرغام ، وسيف قاسم على أعداء الإسلام ، وفاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه والزبير رضي الله عنه يغضب كالنمر ويثب كالأسد . والبراء رضي الله عنه يفتح الحصن وقد قُذِفَ من أعلى المنجنيق . وعليّ رضي الله عنه يقتل رأس الكفر عمرو بن ودّ في غزوة الخندق ، ويبارز مرحب قائد جند يهود !! ويصرخ فيه :
كليث غاباتٍ كريهه المنظرَ
أنا الذي سمتني أمي حيدرة
أكيلهم بالسيف كيل السندرَ
إذا الحروب أنشبت أظفارها
v وأبطال كثير في صحيفة الإسلام يقف التاريخ عاجزاً عن ذكر مواقفهم الجهادية ، بل تخجل الأقلام ان تكتب تقصيرنا وتخلفنا عن الجهاد في سبيل الله !!
أخي الحبيب ، ماذا فعلت لخدمة وحماية هذا الدين ؟! مالي لا أراك بين جند الدعوة ؟! أين دوركَ في نشر الدعوة ؟! أين أنتَ من حياة المجاهدين وسيرهم ؟! لقد مللنا التعاطف والكلام ، ماذا ينقصكَ ؟! ومهما بلغ فيك المطاف من سرد الأعذار فلن تبلغ ( أبو أيوب الأنصاري ) وقد بلغ التسعين وقال لبنيه احملوني للمعركة !! فكان يحمل بيده السيف وبالإخرى يرفع حاجبه ليرى أمامه !!
أنتم يا شباب الجامعات أخاطبكم ! ماذا عليّكم لو أجلتم سنة من دراستكم لتنالوا شرف الجهاد وتسهموا في اقامة دين الله في الأرض ؟! ماذا عليكَ لو أنكَ دخلت مصنع الرجال والأبطال ؟! على ماذا تخاف فالرزق مقسوم والموت محتوم والأجل مختوم ! فأقبل ولا تدبر ، وسطر في صحيفة أعمالكَ أياماً من الرباط وساعات من الجهاد " فرباط يوم في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه " و" ساعة في سبيل الله خير من قيامة ليلة القدر عند الحجر الاسود " فماذا تريد أكثر ؟! بل لك أكثر ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ) ( التوبة 52)
واعلم أخي الشاب " أن هذه الأمة تمرض لكنها لا تموت ، وتغفو لكنها لا تنام ، وتخبو لكنها لا تطفأ أبداً .وكن على علم أن الوصول الى القمة ليس الأهم ، لكن الأهم البقاء فيها ، وأن السقوط في القاع ليس هو الكارثة ، بل الكارثة هو الاعتقاد أنه لا سبيل الى الخروج من القاع ... وليس الدواء في بكاء الأطلال ، وندب الحظوظ ، إنه في الترفع عن الواقع ، بلا تجاهل له .
وإن المستقبل لهذا الدين بلا منازع ، ولكنه لا يتحقق بالمعجزات السحرية ، بل بالإخلاص والعمل والبذل ، والدعوة الى الله من منطلقات صحيحة ،علىمنهج أهل السنة والجماعة ..."[2]


[1] حادي الأرواح الى بلاد الافراح – العلامة ابن القيم الجوزية
[2] اشارات على الطريق- الشيخ علي القرني – بتصرف . وأشير أنني أفردت موضوع الجهاد في سبيل الله برسالة خاصّة لأهميّته ومكانته في دين الله ، أسميّتها ( لِمَ الجهاد ؟ وهل ثمّ خيار ؟! )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اترك رايك

اتصل بنا

foxyform